استضاف مركز الدراسات الثقافية المغربية، شعبة اللغة الإنجليزية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- ظهر المهراز بفاس ، طيلة يوم الخميس 12 ماي 2016 ، المخرج السينمائي المغربي مومن السميحي في لقائين حول تجربته الفنية والثقافية .
في الفترة الصباحية، نظم لقاء مفتوح بين هذا المخرج و طلبة الإجازة تمحور أساسا حول اقتباسه لرواية "المرآة الكبرى" (1977) لمحمد المرابط، (ترجمها إلى الإنجليزية الكاتب الأمريكي الراحل 'بول باولز') في فيلمه الروائي الطويل الثالث "قفطان الحب منقط بالهوى" (1988).
ومعلوم أن هذه الرواية تدرّس سنويا في سلك الإجازة (شعبة الإنجليزية) منذ أن قام المركز المذكور بإعادة طبعها سنة 2004.
في الفترة المسائية، نظمت جلسة نقاش مفتوحة مع مومن السميحي استفاد منها طلبة الماستر والدكتوراه (شعبة الإنجليزية) ، وذلك مباشرة بعد عرض فيلمه الروائي الطويل "44 أو أسطورة الليل" (1982).
فيما يلي استعراض لأهم النقط التي تمت إثارتها في الجلستين معا.
في بداية حديثه، عرج مومن السميحي على دراسته للسينما بفرنسا في الستينيات من القرن الماضي، حيث أكد على أن معهد السينما الذي كان يدرس به آنذاك ، أي معهد الدراسات السينمائية العليا بباريس (IDHEC) ، لم يكن مثيرا للإهتمام بالنسبة إليه مقارنة بالخزانة السينمائية الفرنسية، التي كان دائم الحضور لعروضها السينمائية نظرا لانتقائها لأجود الأفلام من مختلف بقاع العالم، حيث انتصار الصورة على الحوار.
ولم يخف مومن السميحي تأثره بالحراك الذي عاشته فرنسا في تلك الحقبة، خاصة أحداث ماي 1968.
وعلاقة باقتباسه السينمائي لرواية "المرآة الكبرى" في فيلم "قفطان الحب منقط بالهوى"، عاد السميحي بالحضور إلى كواليس هذا الاقتباس، حيث تعرّف على بول باولز منذ دراسته بسلك الثانوي بطنجة، وهذا الأخير عرّفه بدوره على كاتب السيناريو الأمريكي 'كافين لامبرت' (Gavin Lambert)، ليشتغلا معا على تحويل الرواية إلى سيناريو، الشيء الذي لم ينل رضا باولز في آخر المطاف نتيجة عدم وفاء السميحي لقصة الرواية بأدق تفاصيلها.
قال السميحي موضحا للطلبة :"لا يجب عليّ أن أكون وفيا للنص الأصلي ، بل يجب عليّ أن أكون وفيا للغة السينمائية". ومردّ عدم وفاءه للنص الأصلي هو أن الرواية مليئة بإراقة الدماء، وهو الأمر الذي لم يستسغه السميحي حيث حاول بدل ذلك أن يركّز في الفيلم (عكس الرواية) على الطبقة الصاعدة في سنوات الثمانين: البورجوازية الصغيرة.
وفي معرض حديثة عن سينما المؤلف وعلاقة السينما بالجمهور، لم يخف السميحي تأثره البالغ بقول المخرج الإسباني/ المكسيكي لويس بونويل: "لا أفكّر أبدا في الجماهير" بل أنجز الأفلام لأصدقائي. فعلى المخرج السينمائي، يقول السميحي، أن يختار بين جماهير غفيرة في أسابيع قليلة أو جماهير غفيرة لعدة سنوات، وأبدى انحيازه للإختيار الثاني مستشهدا على ذلك بفيلم "قواعد اللعبة" (1939) للمخرج الفرنسي جان رينوار.
وبالإضافة إلى كل هذه النقط، عرج السميحي على مختلف المدارس التي تأثر بها، سواء السينمائية (الواقعية الجديدة بإيطاليا والأفلام اليابانية) أو الأدبية (كتابات طه حسين نموذجا) أو النقدية (التحليل النفسي والعلوم الإنسانية).
واختتم اللقاء، الذي اتسم بالحميمية والعفوية، بأخذ صور تذكارية مع المخرج وتبادل الهدايا، حيث أهدى السميحي للمركز جل إصدارته النقدية وملصقات فيلمي "قفطان الحب" و"44 أو أسطورة الليل" بينما أهدى المركز للسميحي مجموعة من إصداراته النقدية والأدبية.
من فاس : سعيد شملال